قادة المواهب العالميين يرسمون ملامح مستقبل التعلّم في مؤتمر أبوظبي
الذكاء الاصطناعي، والتفكير التصميمي، ونماذج المهارات أولاً تتصدر مشهد أبرز فعاليات التعلّم والتطوير في المنطقة
اختُتمت أمس فعاليات الدورة التاسعة من مؤتمر ATD الشرق الأوسط السنوي، والذي أُقيم في فندق ” جراند حياة أبوظبي فندق وسكنات إميريتس بيرل”بحضور أكثر من 400 من كبار خبراء الموارد البشرية والتعلّم والتطوير من مختلف أنحاء العالم، شمِلَت يومين من النقاشات المتخصصة، والتعلّم التفاعلي، والتعاون الاستراتيجي استعداداً لمتطلبات المستقبل.
نُظّم المؤتمر من قبل جمعية تطوير المواهب (ATD) بالشراكة مع شركة QnA International، وبدعم من الشريك الثقافي والوجهة الرسمية للمؤتمر، مكتب أبوظبي للمؤتمرات والمعارض. وحملت نسخة هذا العام شعار “التجربة أولاً: عصر جديد في تطوير المواهب”، حيث ركزت على التعلّم المتمحور حول الإنسان، ودمج الذكاء الاصطناعي، واستراتيجيات المواهب الجريئة للقوى العاملة الهجينة.
وقد ألقى كلمة ضيف الشرف السيد حمد محمد السويدان، المدير التنفيذي بالإنابة للخدمات المساندة في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، حيث رحّب بالحضور من نخبة قادة القطاع، مشيداً بأهمية المؤتمر في دعم الابتكار وبناء القدرات على مستوى المنطقة.
استعرض المؤتمر رؤى قيّمة قدّمها عدد من أبرز المفكرين العالميين في مجال تطوير المواهب.
قدّمت الدكتورة وي وانغ، المديرة العالمية الأولى في جمعية تطوير المواهب (ATD) بالولايات المتحدة، أبحاثاً نوعية حول التوجّهات المستقبلية في القطاع، شملت الذكاء الاصطناعي، والتعلّم المخصص، والدور المتطوّر لمتخصصي التعلّم والتطوير. وخلال عرضها، استعرضت أحدث نتائج أبحاث الجمعية، والتي أبرزت التأثير المتسارع للذكاء الاصطناعي في تغيير مشهد تطوير المواهب.
كشفت د. وانغ أن الذكاء الاصطناعي ساهم في رفع الإنتاجية بنسبة 59%، وتحسين كفاءة التدريب بنسبة 51%، وتعزيز الإبداع والابتكار بنسبة 47%، إضافة إلى توسيع نطاق الوصول إلى التعلّم وتطبيق المهارات في بيئة العمل. ومن أبرز استخداماته: الترجمة الآلية وإنشاء المحتوى (50%)، إلى جانب قياس أثر التعلّم (21%).
بدوره، حثّ دان بونتفراكت، مؤلف كندي حائز على خمس جوائز في القيادة والاستراتيجية، المشاركين على التعامل مع الذكاء الاصطناعي كشريك لا كمنافس، قائلاً في كلمته الرئيسية: “لن يحلّ الذكاء الاصطناعي مكانك إلا إذا تعاملت معه كعدو.”
وفي السياق ذاته، استعرض جون أتوود، المدير الأول للتعلّم والتطوير في شركة جوجل – الولايات المتحدة، كيف تقوم الشركة بتمكين قادتها التقنيين لقيادة فرق تجمع بين البشر والذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال اتخاذ قرارات أخلاقية، وتطبيقات مسؤولة، واستراتيجيات تطوير مهارات قابلة للتوسّع.
الأصوات الإقليمية كانت حاضرة بقوة، من خلال دراسات حالة مؤثرة قدّمتها جهات بارزة مثل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، وشركة STC من المملكة العربية السعودية.
أحمد حمد الحمّاد، رئيس الموارد البشرية والتحوّل بالوكالة في بيت التمويل الكويتي (KFH)، سلّط الضوء على تجربة مؤسسته كنموذج فعّال في دعم الكفاءات الوطنية، مستعرضاً أبرز المشاريع والمبادرات التي تعزز الاستثمار في رأس المال البشري.
كما أكّد ديفيد ريبو، أبرز مدربي الرؤساء التنفيذيين في أبوظبي، أن عملية الخلافة القيادية لا تتمحور فقط حول الجاهزية، بل تعكس شعوراً بالمسؤولية تجاه تشكيل ثقافات تنظيمية وانتقالات قيادية لا تحافظ على الزخم فحسب، بل ترتقي به.
أما هلال الجعدي، الرئيس التنفيذي للموارد البشرية والتغيير في مجموعة عُمران – سلطنة عُمان، فاستعرض كيف أسهمت برامج القيادة المتوائمة مع استراتيجية السياحة الوطنية في إحداث تأثير ملموس وتعزيز الاتساق بين الرؤية والعمل اليومي.
وقدّم بيتر غيتر، المستشار الأول في شركة تعيين TAAEEN – – الإمارات، منهجية “التفكير التصميمي” كأداة قوية لتطوير برامج تعليمية متعددة الأجيال، تضع المتعلّم في صميم التجربة.
فيما طرحت حنان نجي، المؤسسة والرئيس التنفيذي لشركة HNI – الإمارات، طرحاً جريئاً شككت فيه بإحدى الركائز التقليدية في التنمية الذاتية، وهي أن الإيمان بالنفس يجب أن يأتي أولاً، مؤكدة أن النمو الحقيقي يبدأ بقرارات صادقة، وطموح شجاع، وتخطيط متواضع، والتزام جماعي بالتقدّم حتى في أوقات الشك.
استعرضت سو لام، نائبة الرئيس لرؤى الأفراد والاستراتيجية والثقافة في شركة كوكاكولا – الولايات المتحدة، كيف يسهم الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل مسارات التعلّم القائمة على الأداء. وقد شاركت نصائح عملية وأمثلة واقعية على التطبيقات الذكية المستخدمة ضمن منظومة العمل في كوكاكولا.
من جانبها، قادت سارة دالي، مديرة التكنولوجيا التعليمية في معهد LEORON، جلسة متقدمة حول منصات تجارب التعلّم (LXPs)، مركّزة على دورها في بناء استراتيجيات تعلّم وتطوير قائمة على البيانات، وكيف تتفوق هذه المنصات على أنظمة إدارة التعلّم التقليدية (LMS) من حيث التأثير والمرونة على نطاق واسع.
وبدعم من الرعاة الذهبيين لهذا العام: HNI، Boost، وTAAEEN، إلى جانب أكثر من 30 جهة راعية ومشاركة، وبرنامج ثري بالكلمات الافتتاحية، الجلسات الحوارية، وورش العمل التطبيقية، نجح مؤتمر ATD الشرق الأوسط 2025 في ترسيخ مكانته كأهم منصة لتعلّم وتطوير الموارد البشرية في المنطقة.
وفي تعليقها على نجاح المؤتمر، قالت الدكتورة وي وانغ، المديرة العالمية الأولى في جمعية تطوير المواهب – الولايات المتحدة:
“بينما تحتفل ATD بثمانية عقود من التأثير العالمي، يبرز الشرق الأوسط اليوم كلاعب رئيسي في مستقبل التعلّم والتطوير. لقد عكس مؤتمر هذا العام روحاً جماعية من الجرأة في الاستكشاف، والعمق في التعلّم، والإصرار على بناء قوى عاملة لا تواكب المستقبل فحسب، بل تصنعه.”
وأضاف Sidh N.C، مدير شركة QnA International :
“لم يكن مؤتمر ATD الشرق الأوسط 2025 مجرد منبر لتبادل الأفكار، بل كان منصة للتنفيذ الفعلي. شهدنا على مدار يومين التزاماً موحداً نحو بناء منظومات تعلّم حديثة قائمة على التكنولوجيا، والتعاطف، والهدف. من الرؤى المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى النماذج التعليمية المستلهمة من الثقافة المحلية، يؤكد قادة التعلّم في المنطقة دخولهم عصراً تحويلياً جديداً – ونحن فخورون بلعب دور فاعل في تجسيد هذه الرؤية.”