اجتمعت عشر فرق شبابية في هاكاثون “مكنّي”، الذي استضافته جامعة جدة،  بهدف التأسيس لحلول مدعومة بالذكاء الاصطناعي تعالج التحديات الحقيقية التي تواجه الاستدامة في المملكة العربية السعودية. وركزت الفرق على تطوير أفكار قابلة للتحول السريع من النماذج الأولية إلى مراحل التجربة العملية في عمليات البيع بالتجزئة والمجتمعات المحليّة.

وضمن رؤية السعودية 2030 ومبادرة السعودية الخضراء، ركزت المسابقة على المسارات العملية لتحقيق مراحل الدورة الاقتصادية، واستخدام الموارد بكفاءة وفعالية، وتأسيس مدن أكثر اخضرارًا – وهي مجالات يمكن للبيانات والذكاء الاصطناعي تسريع وتيرة التقدّم الملموس فيها. واستكشف المشاركون كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في مساعدة الشركات والزبائن على تقليل المخلّفات، وترشيد استهلاك المياه، وتحسين الأداء البيئي، مما يعكس الجهود الوطنية الهادفة إلى توسيع نطاق الابتكار الأخضر، وتنمية مهارات الشباب السعودي استعداداً لمتطلبات المستقبل.

الأفكار الفائزة

وكان المركز الأوّل من نصيب “نقطة” (“كل قطرة تُحتسب”)، وهو عبارة عن نظام مدعوم بالذكاء الاصطناعي يلتقط السوائل المتبقية من مشروبات المقاهي غير المستهلكة، ويقوم بتصفيتها وترشيحها مسبقًا، وتصنيفها لإعادة الاستعمال بشكل آمن مثل تنظيف الأرضيات والطاولات، وعمليّات الترطيب، أو ريّ النباتات الداخلية – حيث يجري تتبعها بواسطة لوحة تحكم مباشرة. وتُشير التقديرات الأوّلية إلى أنّ المحلات قادرة على تخفيض استخدام المياه العذبة بنسبة تصل إلى 40٪ شهريًا، مع قابلية تطبيق النظام في المطاعم، والجامعات، والمكاتب، إلى جانب المقاهي.

وجاء في المركز الثاني مشروع “My Green Rewards”، الذي يتيح تحويل نقاط الولاء “مكافآت ستاربكس” (Starbucks Rewards) إلى عمليات فعلية لزراعة الأشجار، بالشراكة مع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر. ويعتمد المشروع على الذكاء الاصطناعي التوليدي لاختيار المواقع الأمثل للزراعة، مع تزويد الزبائن بتحديثات وصور للمواقع، وتوثيق جميع المساهمات على منصة وطنية.

أما الفائز بالمركز الثالث، “MycoLoop”، فقد ابتكر بديلاً للعبوات الواقية والثانوية المصنوعة من المواد الأحفورية، من خلال حشوات وصوانٍ منتجة من الفطريات المزروعة باستخدام ألياف طبيعية، ثم تُجفف في قوالب صلبة قابلة للتحلل. ويسهم هذا في الحفاظ على تجربة العلامة التجارية، مع تبسيط عملية التخلص من المخلفات وتقليل النفايات أحادية الاستخدام.

كما أحرزت الفرق تقدمًا في مجالات أخرى تتمتّع بالأولويّة، بما في ذلك:

  • مشاركة الزبائن وتفاعلهم: تعتمد طبقة “النقاط الخضراء” المدعومة بالذكاء الاصطناعي في تطبيق “ستاربكس” على تخصيص التحديات والمكافآت وفقًا لأنماط الشراء المسجلة لكل زبون، كما تضيف شاشات تفاعلية داخل المحل لتعزيز التفاعل المباشر، وتوفر محتوى مختصرًا عبر رموز الاستجابة السريعة (QR)، وتطلق ركنًا تجريبيًا بعنوان “خذ بدلًا من الرمي” يتيح الاستفادة من المنتجات المخبوزة غير المباعة، في خطوة تعكس التزامًا عمليًا يوميًا يتماشى مع رؤية السعودية 2030 ومبادرة السعودية الخضراء.
  • سلاسل توريد أكثر اخضرارًا: يتمثّل المفهوم في مستودع يعمل بالطاقة الشمسية ومدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يهدف إلى تحسين عمليات التخزين، وانتقاء السلع، والتوزيع. ويعتمد هذا النظام على أدوات تخطيط متقدمة ولوحات تحكم قائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي لمراقبة استهلاك الطاقة، ونسب الانبعاثات، والأداء البيئي العام عبر شبكة التوريد بأكملها.

تعزيز الأولويات الوطنية

وصُمم هاكاثون “مكنّي” بهدف إشراك الشباب السعودي في مواجهة تحديات الاستدامة الواقعية، مستفيدًا من إمكانيات الذكاء الاصطناعي لتحفيز الفرق على تحويل الأبحاث إلى مفاهيم عملية قابلة للتطبيق. وقد ساهمت هذه المبادرة في تعزيز الوعي بالقضايا البيئية المحلية والعالمية، بالإضافة إلى تزويد الطلاب بمهارات مستقبلية، مثل العمل الجماعي، والتفكير النقدي، والاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي. وشملت الأهداف تعميق المشاركة في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ورؤية السعودية 2030، وتطوير أفكار عملية قابلة للتطوير وذات أثر مستدام على المستوى المحلي، إلى جانب تعزيز التعاون وتوليد الأفكار المبتكرة.

وتم تنظيم الهاكاثون بالتعاون بين مؤسسة ستاربكس ومجموعة الشايع وإنجاز العرب – الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالشراكة مع “بركة”، ضمن “مكنّي” ، وهي مبادرة بقيمة 6 ملايين دولار أمريكي، تمتد لثلاث سنوات، وتهدف إلى تزويد 250 ألف شاب وشابة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا بمهارات ريادة الأعمال والتوظيف والابتكار الأخضر، ومساعدة الشباب السعودي على تطبيق الذكاء الاصطناعي في مواجهة تحديات الاستدامة القابلة للقياس في قطاعي التجزئة والمجتمعات.

وقال محمد محمود النجار، نائب الرئيس الأول لـ “ستاربكس” في “مجموعة الشايع”: “لا تقتصر أهداف “مكنّي” على تقديم الأفكار فقط، بل ترتبط بتحقيق النتائج أيضًا. ومن خلال تزويد الشباب بالأدوات، والثقة، والمنصة التي يحتاجونها، نلاحظ أنّ تحديات الاستدامة الصعبة والمعقدة تتحوّل إلى حلول عملية وقابلة للاختبار: إعادة استخدام مياه المقاهي، وتحويل نقاط الولاء إلى أشجار، واستبدال العبوات البلاستيكية بمواد مصنوعة من ألياف طبيعيّة جميعها أفكار تعكس ما يمكن أن تحققه الابتكارات التي يقودها الشباب في جدول أعمال الاستدامة في المملكة العربية السعودية”.

وتعمل “إنجاز العرب” على تزويد الشباب بالمهارات الضرورية لدفع عجلة الاقتصاد في العالم العربي، من خلال برامج تعليمية وتوجيهية عملية صُممت لإلهامهم، وتشجيعهم على تطوير طموحاتهم، وتنمية روح المبادرة لديهم، وتعزيز مهاراتهم المهنية.

وأوضح عاكف قراباوي، الرئيس والمدير التنفيذي لمؤسسة إنجاز العرب والرئيس التنفيذي لـ “جي آي العالمية” في منطقة الشرق الأوسط وشمال: “تقدّم إنجاز العرب خبرة إقليمية رائدة في مجال ريادة الأعمال بين الشباب والاستعداد لسوق العمل. وتشكّل فعاليات الهاكاثون فرصة لتحويل الأفكار إلى نماذج أولية، بينما تتيح الشراكات تحويل هذه النماذج إلى وظائف وشركات ناشئة. وبهذا، ستسهم مبادرة “مكنّي” في رسم مستقبل اجتماعي واقتصادي أفضل للمنطقة، من خلال تزويد الجيل القادم بالمهارات اللازمة لبناء الأعمال والمهن التي يتطلبها اقتصاد مستدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.”

بدوره، قال بدر الهريش، رئيس الشراكات في بركة: “في “بركة” نؤمن بأن معالجة هدر الغذاء وتعزيز الأمن الغذائي يبدأ بأفكار غير تقليدية وجهود محلية. ومن المُلهم رؤية هذا العدد الكبير من المبتكرين الشباب يستخدمون التكنولوجيا لمواجهة هذه التحديات بشكل مباشر. وتُعدّ فعاليات مثل “مكنّي”  مهمة جداً لرعاية الجيل القادم من رواد الأعمال الذين سيقودون المملكة العربية السعودية نحو مستقبل أكثر استدامة ومرونة”.

ودعمت شركة “بركة”، وهي شركة سعودية رائدة في مجال إعادة التدوير والاقتصاد الدائري، البرنامج كشريك صناعي، حيث تسهم في مساعدة الشركات على استعادة المواد وتقليل النفايات وتحويلها إلى موارد ذات قيمة. وقد وفرت “بركة” فرص تدريب عملي للمشاركين المختارين، كما شارك أعضاء فريقها في توجيه الطلاب وعضوية لجنة التحكيم.

ومن خلال ترسيخ الابتكار في الأولويات الوطنية، يعكس هاكاثون “مكنّي”  مساهمة الأفكار الشبابية في تحقيق رؤية السعودية 2030 والمبادرة السعودية الخضراء – بدءًا من الاستخدام الدائري للمياه والمواد القابلة للتحلل الحيوي وصولًا إلى التشجير الحضري والخدمات اللوجستية منخفضة النفايات. يتضمن كل حل فائز مقاييس واضحة (مثل لترات المياه المُعاد استخدامها، والأشجار المزروعة، وتجنب نفايات التغليف)، ويستخدم الذكاء الاصطناعي كأداة عملية للتصنيف الذكي، واختيار المواقع، والتخصيص، والتخطيط، والمراقبة، مما يجعل المسار من النموذج الأولي إلى المشروع التجريبي موثوقًا وقابلًا للقياس.

اتخاذ الإجراءات التنفيذيّة

ويعمل المنظمون على استكشاف مسارات تجريبية لأفضل المفاهيم، بما في ذلك اختبارات إعادة استخدام المياه داخل المحلات، وتكامل نظام “نقطة” مع “My Green Rewards”، بالشراكة مع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر، وتنسيق تجارب التغليف مع شركاء التوصيل والتسليم، مع إعطاء الأولويّة للتأثير القابل للقياس، وتجربة الزبائن، وقابلية التوسّع.

يُعدّ هاكاثون “مكنّي”  جزءًا من مبادرة أوسع تهدف إلى تزويد الشباب الأقل حظاً – بمن فيهم الشابات واللاجئون وطلاب التعليم المهني – بالمهارات والفرص العملية. في عامه الأول، وصل “مكنّي”  بالفعل إلى أكثر من 10,000 شاب وشابة في خمس دول، مع خطط للتوسع.

مشاركة.
اترك تعليقك

Exit mobile version